.
هل تذهب أمريكا ترامب إلى المواجهة الكبرى ؟ هذا سؤال يؤرّق إسرائيل والخليج وتركيا. لماذا ؟ لأنّ سيناريو أن لا تحارب أمريكا مزعج مُخيف. سيعني ذلك تثبيت خريطة نفوذ هي على حساب المُؤَرَّقين.
سنة 2007 صرف الأمريكيّون نظرهم عن فكرة المواجهة وهم الذين قدموا إلى المنطقة واحتلّوا أفغانستان والعراق مناورة وتمهيدا للمواجهة. وصلت رسالة ملك السعودية التي كشفتها ويكيليكس متأخّرة وهي الرسالة التي طلب فيها من الأمريكيّين قطع رأس الأفعى والمقصود إيران.
لم تكن مآلات حرب جنوب لبنان مشجّعة وتغيّر مزاج النّاخب الأمريكي ونشطت حملة الديمقراطيّين بفضل وعدهم بسحب عساكرهم بين أفغانستان والعراق. ولكن ليس من حقّ الديمقراطيّين التنصّل من الالتزامات الإستراتيجية بما يضمن نفوذ وهيمنة الأمريكيين.
اجتهاد أوباما كان بداية من 2008 وهو يقوم على استعمال وسطاء ووكلاء محلّيّين وهم المُؤَرَّقون والوُكلاءُ وظّفوا ما ملكت أَيمانهم بالمال والفتوى والإعلام والوعود. خرج شباب من تونس بفعل شبكات خليجية وسُهِّلَ مرورهم عبر ليبيا وطِيرَ بهم إلى إسطنبول حيث كان استقبالهم بحفاوة وسيّروا إلى الجبهات وبعضهم أصيب واستقبلتهم مُستشفيات إسرائيل. هذا واقع معلوم ومعايَن مشهود ولا ينفع الإنكار ولا تنفعُ التعمية ولا التمويه.
من يرى أنّ السّياسة تجيزُ ذلك فله ذلك بشرط أن لا يربطه بمبادئ وقيم ومشروع إسلام وحرّية شعوب. هذا الذي نراه في سوريا يسمّى صراع نفوذ.
لم تُفلح خطّة أوباما بل إنّ الأمور تعقّدت بدخول الروس والصينيّين على الخطّ. فما عاد التوجّس من مركز إيراني يتمدّد هلالاً. لا، صار الهلال من ضمن كتلة تملك المال الوفير والسلاح المدمّر والديمغرافيا الضخمة والثقافة المتشبّثة بالأصول.
الحلف الأصيل الذي من حقّ المرء أن يدافع عنه وينخرط فيه هو الحلف الذي يجمع العرب والأتراك والإيرانيّين على أسس الجغرافيا والتاريخ والمصالح والتوحيد الإسلامي رؤية ثقافية جامعة. حلف أصيل يعادي إسرائيل ومن يهرع لنجدة إسرائيل. هذا الحلف ليس واقعا وقد لا تتوفّر شروطه السياسية في المُستقبل المنظور ولكن من كان معتزًّا بمواقع الفكر والثقافة والدين ومصلحة الشعوب لا ينخرط إلاّ في هذا الحلف ولعن الله سياسيّين ينخرطون في أحلاف تستهدف عربًا أو أتراكًا أو إيرانيّين.
العرب بمركز هوانهم الخليجي في حجر الإسرائيليّين، تركيا أردوغان تتأرجح بين شرق وغرب تجمع بين ملحمة مرمرة وقواعد الأطلسي، ترنو إلى خلافة بشرق ويحيط بها المال الغربي. إيران سياق آخر مخالف لما تحرّك فيه العرب والأتراك منذ عقود.
هل تغامرُ أمريكا ترامب وتدخلُ المواجهة ؟ نعم ضرورة ولا خيار. يكفي أن تركّب بعض الأهوال لتكون ذريعة كافية. لن يكون غطاء من مجلس أمن أو أمم متّحدة ذلك أنّ هذه المؤسّسات من الماضي ونظام الهيمنة المتصدّع سيخوض حروبه بُعدا عنها. ليس بوسع أمريكا ضمان نفوذها من دون الانخراط في مواجهة كُبرى. ستخوضها ولكنّها نهايةً ستنهزم. تنهزم وينهزم معها المؤرَّقون.
هناك من يدخل في الصراعات تأصيلاً بالمبادئ والأفكار ولا أملك لمن يدخل هكذا قولاً. ولكنّني أقول لمن يدخلها بحسابات القوّة والضعف واحتمالات النصر والهزيمة لكي يضمن لنفسه مكانًا مع الأقوياء المنتصرين : أمريكا هُزمتْ غيبًا وكذلك إسرائيل. بقي فقط أن ترى الأعيُنُ ذلك وما ذلك على الله بعزيز.
.
القلم الحرّ الهذيلي منصر
.
No Comments Yet!
You can be first to leave a comment