.
“القواعد غير واعية، والرجوع إليها في مثل هذه المسألة مضيعة للوقت“، كان هذا كلام أحد مقرّرَي جلسات المؤتمر الانتخابي (سليمان 1984) ردّا على طلب الأخ الشهيد عبد الرؤوف العريبي بالرجوع إلى القواعد، للتباحث معها حول لائحة عرضها المقرّر للتصويت، فأخذت أنا الكلمة وقلت : إن كانت القواعد غير واعية، فقد أفلحت في تمثيل لا وعيها في شخصكم الكريم حين انتخبوكم لحضور هذا المؤتمر، وإن كانت زلّة لسان، فإنّي أطلب منك الاعتذار لإخوة قذفتهم بالغيب…
وتفاعل يومها الأستاذ راشد مع مطلبي، وطلب من المقرّر سحب كلمته، ولكنّني وثلّة من المؤتمِرين أصرّينا على الاعتذار… وكان ما كان من هرج ومرج، واتّهموني يومها بالشغب المفسد للمؤتمر…
وأيّام إعداد المؤتمر، طلبت اجتماعًا مع الأستاذ عبد الفتاح مورو والأخ محمد بن رمضان، لوضع نقاط الالتقاء والتفاهم التي جمعناها من وجهات نظر القواعد في المؤتمرات الجهوية، على أساس أنّنا مؤتمِرون منتخَبون علينا واجب الأمانة برفع رأي القواعد للمؤتمر العامّ، فكان ردّ الأستاذ عبد الفتاح، وهو في مكتبه بنهج الكوميسيون : القواعد انتخبوني أنا وأنت ليس للتحدّث بوجهات نظرهم، وإنّما لمعرفتهم بقدراتنا الكلامية في مثل هذه الاجتماعات… ورفض صياغة ورقة عمل لمؤتمِري مدينة تونس الكبرى…
واليوم تونس تغيّرت وسقط طاغيتها، ولكنّ عقليّة قيادة حركة “النهضة” سليلة “الاتّجاه الإسلامي” لم تتغيّر، وبقيت الرأس الكبيرة تعتقد دائمًا بأنّها العقل الكبير، والقواعد غير واعية… ولذلك لم نسمع ولو مرّة واحدة بمساءلة ومحاسبة راشد من قبل مؤسّسات الحركة، حتّى حين قال ما قال عن حرّية المثليّين، وحين زار “AIPAC” الصهيونية في أمريكا، وحين استقبل عبد الله القلال، الجلاّد الذي أمر بتعذيب أبناء الحركة واغتصاب نسائهم، والذي اشتكى به ضحاياه للمحاكم الأوروبية على أساس وثائق تدينه باقتراف جرائم ضدّ حقوق الإنسان…
“العقل الكبير” في “النهضة”، لا يريد لقواعد الحركة ومؤسّساتها أن تشتغل إلاّ للتزكية وجمع المال، أو للتجمهر والخروج إلى الشوارع، أو لملاحقة الخارجين عن الصفّ وعزلهم وتشويههم…
هذا حزب مُهيْكل ومنظّم ولكنّه بلا روح…
.
القلم الحرّ الحبيب الأسود
.
No Comments Yet!
You can be first to leave a comment